في الوقت الذي يقف فيه ليونيل ميسي على بعد 13 هدفاً من معادلة إنجاز سيزار رودريجيز (235)، أسال السجل القياسي للأهداف الذي يوجد في حوزة نادي برشلونة الكثير من المداد إلى حد جعل العديد من وسائل الإعلام تقول بقرب تحطيمه. غير أن الأمر بعيد كل البعد عن هذا السيناريو. صحيح أن سيزار قد يكون هو من يجيد هز الشباك، غير أن نظرةً إلى سجلات النادي الكاتالوني ستفصح لنا عن اسم آخر هو بولينو ألكانتارا ذاك اللاعب الموهوب الذي يتربع على عرش الهدافين.
ولعل هذا الإنجاز – 357 هدفاً في نفس العدد من المباريات – جعل هذا اللاعب الذي يجسد الظاهرة الفيليبينية إحدى أولى الأساطير الكروية في تاريخ برشلونة. وقد مرّ اليوم مئة عام على باكورة تلك الأهداف التي فتحت باب المجد أمام هذا النجم الكبير. ولعل خير دليل على ذلك أن ألكانتارا لا يعد أول هداف في تاريخ النادي فحسب بل هو أصغر لاعب على الإطلاق. وقد خاض أولى مبارياته أمام كاتالا ولم يكن عمره يتجاوز آنذاك 15 سنة وأربعة أشهر و18 يوماً. ولم يكتف باللعب فقط بل أبى إلا أن يهز الشباك في ثلاث مناسبات وأظهر للعالم أن أسطورة تتأهب للخروج إلى الوجود.
وُلد هذا المراهق الموهوب في الفليبين من أب ضابط عسكري أسباني وأم فيليبينية، وقد أبهر على العديد من الأصعدة، إذ لم يسبق للاعب آسيوي أن مثل نادياً أوروبياً قبل أن يتنقل إلى أسبانيا، وقليلون فقط تمكنوا من الاقتراب من مضاهاة إنجازاته الرائعة.
ولم يكن عمر ألكانتارا يتجاوز التاسعة عشرة عندما ساعد فريقه في الفوز بكأس الملك ودوري كاتالونيا مرتين قبل أن يعود ليقضي موسمين في الفيليبين. وهناك حقق لقب الدوري المحلي مرتين وأضافهما لسجله المشرف. وخلال فترة غيابه تلك، لم يحصد برشلونة أي لقب، الأمر الذي دفع إدارة الفريق للعمل على استعادته مجدداً. وما أن عاد إلى أحضان فريقه حتى بدأ الأخير يكتب أولى صفحاته المجيدة في عالم الساهرة المستديرة.
وفي الوقت الذي أعلن فيه اعتزاله سنة 1927 عن سن الواحدة والثلاثين ليتفرغ لمهنة الطب، كان ألكانتارا قد فاز بـ17 لقباً ومثّل أسبانيا وكاتالونيا والفليبين على المستوى الدولي. وقد حصل على لقب "مخترق الشباك" عندما كان يدافع عن ألوان لاروخا أمام المنتخب الفرنسي. فخلال تلك المباراة، سدد كرة قوية على بعد ثلاثين ياردة مما أدى إلى تمزق في الشباك.
وكان هذا اللاعب الذي يبرع في التسديد من أوائل اللاعبين الذين كتبوا مذكرات حول مسارهم الكروي. واليوم يقف تمثاله قرب مقر الاتحاد الفيليبيني لكرة القدم شاهداً على إنجازاته المبهرة. وقد يكون مر قرن على أول صفحة من صفحاته المجيدة، غير أن ألكانتارا، أحد أول عمالقة كرة القدم في العالم، يستحق أن تحيا ذكراه وتكرم.