star-sds
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


اول منتدى لثانوية سيدي ادريس التاهيلية فمرحبا بكل زوارنا الكرام
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تصحيح قنوات التوزيع... والتمويل

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
samarasse
عضو متوسط
عضو متوسط
samarasse


عدد المساهمات : 109
نقاط التميز : 222
تاريخ التسجيل : 20/02/2012
العمر : 28
الموقع : oujda

تصحيح قنوات التوزيع... والتمويل Empty
مُساهمةموضوع: تصحيح قنوات التوزيع... والتمويل   تصحيح قنوات التوزيع... والتمويل I_icon_minitimeالأحد مارس 11, 2012 12:08 pm

ينظر كثيرون إلى السياسات الاجتماعية وبرامج الدعم الواسعة بعيون الريبة، لأنها عالية الكلفة ومعرّضة أكثر من غيرها لسوء الاستخدام. ويلمّح أنصار الحياد الحكومي إلى وجود تضارب أكيد بين الأهداف الاجتماعية التي تدور مدار لجم التفاوت وإشباع الحاجات الأساسية وبين الأهداف الاقتصادية والمالية ـــــ النقدية المعنية بزيادة النمو وخفض العجز وضمان كفاءة عمل الأسواق. وإذا صح وجود مثل هذا التضارب، فسيجد واضعو السياسات أنفسهم ملزمين بالمفاضلة بين أهداف وأهداف: بين تنشيط الاقتصاد وتحرير الأسواق ولجم التضخم وزيادة حجم التجارة وتعزيز الاستثمارات الخارجية وتقليص العجز المالي ... من جهة؛ وبين خفض الفقر، والحد من تقلبات السوق لحماية الفئات الضعيفة، وزيادة الأجور، وتضييق فجوة التباين في الدخول وتحسين مستوى العدالة الضريبية ... من جهة أخرى. وحتى لو تكاملت سلّتا الأهداف هذه، تظل نسب النمو المرتفعة عند هؤلاء البيئة المؤاتية لتحسين أحوال السكان، ونقطة البدء في أي مسعى لتحسين معيشة طبقاتهم المختلفة.
هذا يضعنا في مواجهة السؤال التقليدي: هل على استراتيجيات التنمية أن تعتني بزيادة الدخل الوسطي لعموم المواطنين، أم عليها أن تهتم على نحو خاص بالواقعين تحت خط الفقر، فترفع مداخيلهم بمعدلات أعلى من الزيادة العامة؟ وبغض النظر عن الإجابة، إن أي مفاضلة على نحو ما هو مذكور مفاضلة زائفة. فالتخلص من الفقر بأشكاله المختلفة وخفض أعداد المحرومين، هو من ناحية هدف بديهي للتنمية، وهو من ناحية ثانية شرط لا غنى عنه لأي سياسة تدمج بين النمو القوي والتوزيع المنصف. وبتعبير آخر، إن رسم استراتيجية ناجحة للتقدم الاقتصادي لا يمكن أن تتم إلا إذا أخذت بعين الاعتبار التحديات والأزمات المطروحة داخل مثلث الفقر ـــ النمو ـــ عدم المساواة في الوقت نفسه.
في الماضي، كان هناك شبه اتفاق بين الباحثين ومديري السياسات الحكومية على أن النمو ينعكس تلقائياً على عموم الناس، بمن فيهم الفقراء ومحدودو الدخل، ويمر هذا التأثير الإيجابي كما تظهر تجارب عدة، من خلال قنوات مختلفة، كتقلص اختلالات سوق العمل، وزيادة الإنتاجية وإعادة التوازن ما بين عوائد الإنتاج. هذا فضلاً عن أن النمو والازدهار الاقتصاديين يزيدان قدرة الدول والمجتمعات على تحمل التكاليف والمخاطر المترتبة على تغيير طرق إدارة الاقتصاد وإصلاح السياسات الكلية.
لكن الرؤية المهيمنة منذ أواسط التسعينيات صارت تنظر لهذه التأثيرات من منظار مختلف إلى حد ما، فالسياسات الاجتماعية الهادفة إلى تحسين عمليات التوزيع بين الفئات الاجتماعية والقطاعات وعوامل الإنتاج المختلفة، لا تتأثر بالنمو الاقتصادي بقدر ما تؤثر فيه، بل إن هدف تقليص الفجوات الاجتماعية صار حسب هذه الرؤية عاملاً أساسياً من عوامل تنشيط النمو، ما يعطي السياسات الاجتماعية أهمية مضاعفة، فهي لا تحقق أهدافها الخاصة فحسب، بل باتت شرطاً من شروط تحقيق الازدهار وزيادة حجم الاقتصاد.
تفسر إحدى الفرضيات العلاقة السببية بين المساواة والنمو انطلاقاً مما يجري في أسواق الائتمان، حيث يؤثر التفاوت في توزيع الثروات سلباً على عمل هذه الأسواق. فالأثرياء الذين يملكون ما يكفي من الأصول (التي يحولونها إلى ضمانات لقروضهم ساعة يشاؤون)، تحظى مشاريعهم بتمويل رخيص نسبياً، أما الفقراء الذين لا يملكون، فهم مضطرون إلى الاقتراض بفوائد عالية. يطلق الأغنياء إذاً استثماراتهم وتتعطل فرص الاستثمار الأخرى، بسبب تجاوز كلفة التمويل العائد على الاستثمار، والنتيجة: نمو فعلي أقل من النمو الممكن ومزيد من الطاقات المعطلة.
تؤدي أسواق المال دوراً مركزياً في تحريك النشاط الاقتصادي، وتزيد فعاليتها كلما اتسعت بقعة التمويل. وهذا ما لا يحدث في لبنان. ففي خضم انشغالنا بتعداد المليارات الإضافية التي تستقبلها المصارف اللبنانية ومقارنتها باحتياجات الخزينة، بتنا نتساهل في تقويم أوضاع سوق الائتمان، ونغض النظر عن العيوب التي تشوبها وتمنعها من القيام بوظيفتها التوزيعية والتنموية على أحسن وجه. ولنلاحظ، مستندين إلى الفرضية أعلاه التي تربط بين عدم المساواة ونقص التمويل، أن العديد من القيود غير المعلنة تكبل القطاع المالي والمصرفي في لبنان، وتحد من قدرته على إدخال مزيد من الزبائن إلى أسواق التمويل. وفي حين يستحوذ ما يزيد على اثنين بالألف من المقترضين على أكثر من ثلث التسليف المصرفي، يضطر الباقون إلى دفع فوائد مرتفعة والموافقة على شروط مجحفة للنفاذ إلى التمويل المصرفي. لا يؤثر سوء توزيع الموارد والثروات والأصول بين اللبنانيين على التوازنات الاجتماعية والمناطقية وحدها، بل يجعل السوق المالية قناة غير مناسبة لتخصيص الموارد ولضخ الأموال على نحو متوازن في أوردة الاقتصاد. أوضح دليل على ذلك هو تدخل الدولة في سوق الإسكان عبر دعم الفوائد، الذي أدى إلى توسيع نطاق التمويل المصرفي ليغطي 30% من الطلب الداخلي على المساكن. هذا مؤشر واضح على حجم الفرص التي تهدر في القطاعات الأخرى (المنتجة خصوصاً)، والتي يمكن أن تتضاعف إذا اتسع مجال التمويل ونالت الأنشطة الاقتصادية نصيباً من التسليفات المصرفية يتناسب مع طاقاتها الكامنة، وليس مع حصتها من الناتج التي تتأثر بشح التمويل وارتفاع كلفته (الزراعة مثلاً).
إن تطوير السياسات الاجتماعية والاقتصادية وإصلاحها لا يتمان إلا في فضاء ثلاثيّ الأبعاد. قطاع التمويل المصرفي هو ذلك البعد الثالث الذي يستحق مزيداً من الاهتمام، لكن مع شيء من التصحيح والمراجعة التي لم يفت أوانها بعد.
* رئيس المركز الاستشاري للدراسات والتوثيق
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
تصحيح قنوات التوزيع... والتمويل
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
star-sds :: الاخبار :: الاقنصاد-
انتقل الى: